كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



ولم يكن العرب- في جاهليتهم- ينكرون أن الله هو خالق هذا الكون، وخالق الناس، ورازقهم كذلك من ملكه، الذي ليس وراءه ملك تقتات منه العباد!.. وكذلك لم تكن الجاهليات الأخرى تنكر هذه الحقائق- على قلة من الفلاسفة الماديين من الإغريق!- ولم تكن هنالك هذه المذاهب المادية التي تنتشر اليوم بشكل أوسع مما عرف أيام الإغريق.. لذلك لم يكن الإسلام يواجه في الجاهلية العربية إلا الانحراف في التوجه بالشعائر التعبدية لآلهة- مع الله- على سبيل الزلفى والقربى من الله!- وإلا الانحراف في تلقي الشرائع والتقاليد التي تحكم حياة الناس.. أي أنه لم يكن يواجه الإلحاد في وجود الله- سبحانه- كما يقول اليوم ناس! أو كما يتبجحون بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير!
والحق أن هؤلاء الذين يجادلون في وجود الله اليوم قلة.
وسيظلون قلة. إنما الانحراف الأساسي هو ذاته الذي كان في الجاهلية. وهو تلقي الشرائع في شؤون الحياة من غير الله.. وهذا هو الشرك التقليدي الأساسي الذي قامت عليه الجاهلية العربية، وكل الجاهليات أيضاً!
والقلة الشاذة التي تجادل في وجود الله اليوم لا تعتمد على العلم وإن كانت هذه دعواها. فالعلم البشري ذاته لا يملك أن يقرر هذا الإلحاد ولا يجد عليه دليلاً لا من هذا العلم ولا من طبيعة الكون.. إنما هي لوثة سببها الأول الشرود من الكنيسة وإلهها الذي كانت تستذل به الرقاب من غير أصل من الدين.. ثم نقص في التكوين الفطري لهؤلاء المجادلين، ينشأ عنه تعطل في الوظائف الأساسية للكينونة البشرية.. كما يقع للأمساخ من المخلوقات..!
ومع أن حقيقة الخلق والتقدير فيه- كحقيقة انبثاق الحياة أيضاً- لم تكن تساق في القرآن لإثبات وجود الله- إذ كان الجدال في وجوده تعالى سخفاً لا يستحق من جدية القرآن العناية به- إنما كانت تساق لرد الناس إلى الرشاد، كي ينفذوا في حياتهم ما تقتضيه تلك الحقيقة من ضرورة إفراد الله سبحانه بالألوهية والربوبية والقوامة والحاكمية في حياتهم كلها؛ وعبادته وحده بلا شريك..
مع هذا فإن حقيقة الخلق والتقدير فيه- كحقيقة انبثاق الحياة أيضاً- تقذف في وجوه الذين يجادلون في الله- سبحانه- بالحجة الدامغة التي لا يملكون بإزائها إلا المراء. وإلا التبجح الذي يصل إلى حد الاستهتار في كثير من الأحيان!
جوليان هاكسلي مؤلف كتاب: الإنسان يقوم وحده وكتاب الإنسان في العالم الحديث من هؤلاء المتبجحين المستهترين؛ وهو يقذف بالمقررات التي لا سند لها إلا هواه وهو يقول في كتاب الإنسان في العالم الحديث؛ في فصل: الدين كمسألة موضوعية ذلك الكلام!
ولقد أوصلنا تقدم العلوم والمنطق وعلم النفس إلى طور أصبح فيه الإله فرضاً عديم الفائدة، وطردته العلوم الطبيعية من عقولنا، حتى اختفى كحاكم مدبر للكون، وأصبح مجرد أول سبب أو أساساً عاماً غامضاً.
وول ديورانت مؤلف كتاب مباهج الفلسفة يقول: إن الفلسفة تبحث عن الله، ولكنه ليس إله اللاهوتيين الذين يتصورونه خارج عالم الطبيعة. بل إله الفلاسفة؛ وهو قانون العالم وهيكله، وحياته ومشيئته.. وهو كلام لا تستطيع إمساكه! ولكنه كلام يقال!
ونحن لا نحاكم هؤلاء الخابطين في الظلام إلى قرآننا، ولا نحاكمهم كذلك إلى عقولنا المنضبطة بهدى هذا القرآن. إنما نكلهم إلى أندادهم من العلماء وإلى العلم البشري الذي يواجه هذه القضية بشيء من الجد والتعقل.
يقول جون كليفلاند كوتران: (من علماء الكيمياء والرياضة. دكتوراه من جامعة كورنيل. رئيس قسم العلوم الطبيعية بجامعة دولث). من مقال: النتيجة الحتمية من كتاب: الله يتجلى في عصر العلم: فهل يتصور عاقل، أو يفكر، أو يعتقد، أن المادة المجردة من العقل والحكمة قد أوجدت نفسها بنفسها بمحض المصادفة؟ أو أنها هي التي أوجدت هذا النظام وتلك القوانين، ثم فرضته على نفسها؟ لا شك أن الجواب سوف يكون سلبياً. بل إن المادة عندما تتحول إلى طاقة أو تتحول الطاقة إلى مادة، فإن كل ذلك يتم طبقاً لقوانين معينة. والمادة الناتجة تخضع لنفس القوانين التي تخضع لها المادة التي وجدت قبلها.
وتدلنا الكيميا على أن بعض المواد في سبيل الزوال أو الفناء؛ ولكن بعضها يسير نحو الفناء بسرعة كبيرة والآخر بسرعة ضئيلة. وعلى ذلك فإن المادة ليست أبدية. ومعنى ذلك أيضاً أنها ليست أزلية. إذ أن لها بداية. وتدل الشواهد من الكيميا وغيرها من العلوم على أن بداية المادة لم تكن بطيئة أو تدريجية، بل وجدت بصورة فجائية. وتستطيع العلوم أن تحدد لنا الوقت الذي نشأت فيه هذه المواد. وعلى ذلك فإن هذا العالم المادي لابد أن يكون مخلوقاً. وهو منذ أن خلق يخضع لقوانين وسنن كونية محددة، ليس لعنصر المصادفة بينها مكان.
فإذا كان هذا العالم المادي عاجزاً عن أن يخلق نفسه، أو يحدد القوانين التي يخضع لها، فلابد أن يكون الخلق قد تم بقدرة كائن غير مادي. وتدل الشواهد جميعاً على أن هذا الخالق لابد أن يكون متصفاً بالعقل والحكمة. إلا أن العقل لا يستطيع أن يعمل في العالم المادي- كما في ممارسة الطب والعلاج السيكلوجي- دون أن يكون هنالك إرادة. ولابد لمن يتصف بالإرادة أن يكون موجوداً وجوداً ذاتياً.. وعلى ذلك فإن النتيجة المنطقية الحتمية التي يفرضها علينا العقل ليست مقصورة على أن لهذا الكون خالقاً فحسب، بل لابد أن يكون هذا الخالق حكيماً عليماً قادراً على كل شيء، حتى يستطيع أن يخلق هذا الكون وينظمه ويدبره؛ ولابد أن يكون هذا الخالق دائم الوجود، تتجلى آياته في كل مكان. وعلى ذلك فإنه لا مفر من التسليم بوجود الله، خالق هذا الكون وموجهه- كما أشرنا إلى ذلك في بداية المقال.
إن التقدم الذي أحرزته العلوم منذ أيام لورد كيلفن يجعلنا نؤكد بصورة لم يسبق لها مثيل، ما قاله من قبل، من أننا إذا فكرنا تفكيراً عميقاً، فإن العلوم سوف تضطرنا إلى الإيمان بالله.
ويقول فرانك أللن عالم الطبيعة البيولوجية في مقال نشأة العالم هل هو مصادفة أو قصد من الكتاب نفسه: كثيرا ما يقال: إن هذا الكون المادي لا يحتاج إلى خالق. ولكننا إذا سلمنا بأن هذا الكون موجود، فكيف نفسر وجوده؟.. هنالك أربعة احتمالات للإجابة على هذا السؤال: فإما أن يكون هذا الكون مجرد وهم وخيال- وهو ما يتعارض مع القضية التي سلمنا بها حول وجوده- وإما أن يكون هذا الكون قد نشأ من تلقاء نفسه من العدم. وإما أن يكون أزلياً ليس لنشأته بداية. وإما أن يكون له خالق.
أما الاحتمال الأول فلا يقيم أمامنا مشكلة سوى مشكلة الشعور والإحساس، فهو يعني أن إحساسنا بهذا الكون وإدراكنا لما يحدث فيه لا يعدو أن يكون وهماً من الأوهام، ليس له ظل من الحقيقة. ولقد عاد إلى هذا الرأي في العلوم الطبيعية أخيراً سير جيمس جينز، الذي يرى أن هذا الكون ليس له وجود فعلي، وأنه مجرد صورة في أذهاننا. وتبعاً لهذا الرأي نستطيع أن نقول: إننا نعيش في عالم من الأوهام! فمثلاً هذه القطارات التي نركبها ونلمسها ليست إلا خيالات؛ وبها ركاب وهميون، وتعبر أنهاراً لا وجود لها، وتسير فوق جسور غير مادية.. الخ. وهو رأي وهمي لا يحتاج إلى مناقشة أو جدال!
أما الرأي الثاني القائل بأن هذا العالم، بما فيه من مادة وطاقة، قد نشأ هكذا وحده من العدم، فهو لا يقل عن سابقه سخفاً وحماقة؛ ولا يستحق هو أيضاً أن يكون موضعاً للنظر أو المناقشة.
والرأي الثالث الذي يذهب إلى أن هذا الكون أزلي ليس لنشأته بداية، إنما يشترك مع الرأي الذي ينادي بوجود خالق لهذا الكون- وذلك في عنصر واحد هو الأزلية- وإذن فنحن إما أن ننسب صفة الأزلية إلى عالم ميت، وإما أن ننسبها إلى إله حي يخلق، وليس هنالك صعوبة فكرية في الأخذ بأحد هذين الاحتمالين أكثر مما في الآخر. ولكن قوانين الديناميكا الحرارية تدل على أن مكونات هذا الكون تفقد حرارتها تدريجياً. وأنها سائرة حتماً إلى يوم تصير فيه جميع الأجسام تحت درجة من الحرارة بالغة الانخفاض، هي الصفر المطلق؛ ويومئذ تنعدم الطاقة، وتستحيل الحياة. ولا مناص من حدوث هذه الحالة من انعدام الطاقات عندما تصل درجة حرارة الأجسام إلى الصفر المطلق، بمضي الوقت. أما الشمس المستعرة، والنجوم المتوهجة، والأرض الغنية بأنواع الحياة، فكلها دليل واضح على أن أصل الكون أو أساسه يرتبط بزمان بدأ من لحظة معينة، فهو إذن حدث من الأحداث.. ومعنى ذلك أنه لابد لأصل الكون من خالق أزلي، ليس له بداية، عليم محيط بكل شيء، قوي ليس لقدرته حدود، ولابد أن يكون هذا الكون من صنع يديه.
الله- سبحانه خالق كل شيء. لا إله إلا هو..
هذه هي القاعدة التي يقيم عليها السياق القرآني هنا وجوب عبادة الله وحده. ووجوب ربوبيته وحده- بكل مدلولات الربوبية من الحكم والتربية والتوجيه والقوامة:
{ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل}..
فهي القوامة لا على البشر وحدهم، ولكن على كل شيء كذلك.. بما أنه هو خالق كل شيء.. وهذا هو المقصود من تقرير تلك القاعدة، التي لم يكن المشركون- في جاهليتهم- يجحدونها. ولكنهم ما كانوا يسلمون بمقتضاها. وهو: الخضوع والطاعة لحاكمية الله وحده والدينونة لسلطانه بلا شريك..
ثم تعبير عن صفة الله سبحانه، يغشى الجوانح والحنايا بظلال ما أحسب أن لغة البشر تملك لها وصفاً، فلندعها تلقي ظلالها في شفافية ولين؛ وترسم المشهد الذي يغلف فيه ما يهول ويروع من صفة الله، بما يطمئن ويروح، ويشف شفافية النور:
{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}..
إن الذين كانوا يطلبون في سذاجة أن يروا الله، كالذين يطلبون في سماجة دليلاً مادياً على الله! هؤلاء وهؤلاء لا يدركون ماذا يقولون!
إن أبصار البشر وحواسهم وإدراكهم الذهني كذلك.. كلها إنما خلقت لهم ليزاولوا بها التعامل مع هذا الكون، والقيام بالخلافة في الأرض.. وإدراك آثار الوجود الإلهي في صفحات هذا الوجود المخلوق.. فأما ذات الله- سبحانه- فهم لم يوهبوا القدرة على إدراكها. لأنه لا طاقة للحادث الفاني أن يرى الأزلي الأبدي. فضلاً على أن هذه الرؤية لا تلزم لهم في خلافة الأرض. وهي الوظيفة التي هم معانون عليها وموهوبون ما يلزم لها..
وقد يفهم الإنسان سذاجة الأولين. ولكنه لا يملك أن يفهم سماجة الآخرين! إن هؤلاء يتحدثون عن الذرة وعن الكهرب وعن البروتون وعن النيوترون.. وواحد منهم لم ير ذرة ولا كهرباً ولا بروتوناً ولا نيوترونا في حياته قط. فلم يوجد بعد الجهاز المكبر الذي يضبط هذه الكائنات.. ولكنها مسلمة من هؤلاء، كفرض، ومصداق هذا الفرض أن يقدروا آثاراً معينة تقع لوجود هذه الكائنات. فإذا وقعت هذه الآثار (جزموا) بوجود الكائنات التي أحدثتها! بينما قصارى ما تصل إليه هذه التجربة هو احتمال وجود هذه الكائنات على الصفة التي افترضوها!.. ولكنهم حين يقال لهم عن وجود الله- سبحانه- عن طريق آثار هذا الوجود التي تفرض نفسها فرضاً على العقول! يجادلون في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، ويطلبون دليلاً مادياً تراه الأعين.. كأن هذا الوجود بجملته، وكأن هذه الحياة بأعاجيبها لا تكفي لتكون هذا الدليل!
وكذلك يعقب السياق القرآني على ما عرضه من آيات في صفحة الوجود وفي مكنونات النفوس.
وعلى تقريره عن ذات الله سبحانه بأنه:
{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}.
يعقب السياق على هذا الوصف الذي لا تملك لغة البشر أن تشرحه أو تصفه.. بقوله:
{قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ}..
فهذا الذي جاء من عند الله.. بصائر.. والبصائر تهتدي وتهدي.. وهذا بذاته.. بصائر.. تهدي. فمن أبصر فلنفسه فإنما يجد الهدى والنور. وليس وراء ذلك إلا العمى. فما يبقى على الضلال بعد هذه الآيات والبصائر إلا أعمى.. معطل الحواس. مغلق المشاعر. مطموس الضمير..
ويوجه النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلن براءته من أمرهم ومغبته:
{وما أنا عليكم بحفيظ}..
ولا يفوتنا أن نلمح التناسق في الجو والظلال والعبارة بين قوله في الآية السابقة: في صفة الله سبحانه: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}.. وبين قوله في الآية اللاحقة: {قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها}.. واستخدام الأبصار والبصائر، والبصر والعمى، في السياق المتناسق المتناغم..
بعد ذلك يلتفت السياق إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيتحدث عن تصريف الآيات على هذا المستوى، الذي لا يتناسب مع أمية النبي صلى الله عليه وسلم وبيئته؛ والذي يدل بذاته على مصدره الرباني- لمن تتفتح بصيرته- ولكن المشركين ما كانوا يريدون الاقتناع بالآيات. ومن ثم كانوا يقولون: إن محمداً درس هذه القضايا العقيدية والكونية مع أحد أهل الكتاب! وما دروا أن أهل الكتاب ما كانوا يعلمون شيئاً على هذا المستوى الذي يحدثهم محمد فيه؛ وما كان أهل الأرض جميعاً- وما يزالون- يبلغون شيئاً من هذا المستوى السامق على كل ما عرف البشر وما يعرفون. ومن ثم يوجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اتباع ما أوحي إليه والإعراض عن المشركين:
{وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون اتبع ما أوحي إليك من ربك لاإله إلا هو وأعرض عن المشركين ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظاً وما أنت عليهم بوكيل}..
إن الله يصرف آياته على هذا المستوى الذي لا عهد للعرب به؛ لأنه ليس نابعاً من بيئتهم- كما أنه ليس نابعاً من البيئة البشرية على العموم- فينتهي هذا التصريف إلى نتيجتين متقابلتين في البيئة:
فأما الذين لا يريدون الهدى، ولا يرغبون في العلم، ولا يجاهدون ليبلغوا الحقيقة.. فهؤلاء سيحاولون أن يجدوا تعليلاً لهذا المستوى الذي يخاطبهم به محمد- وهو منهم- وسيختلقون ما يعلمون أنه لم يقع.
فما كان شيء من حياة محمد خافياً عليهم قبل الرسالة ولا بعدها.. ولكنهم يقولون: درست هذا يا محمد مع أهل الكتاب وتعلمته منهم! وما كان أحد من أهل الكتاب يعلم شيئاً على هذا المستوى.. وهذه كتب أهل الكتاب التي كانت بين أيديهم يومذاك ما تزال بين أيدينا. والمسافة شاسعة شاسعة بين هذا الذي في أيديهم وهذا القرآن الكريم.. إن ما بين أيديهم إن هو إلا روايات لا ضابط لها عن تاريخ الأنبياء والملوك مشوبة بأساطير وخرافات من صنع أشخاص مجهولين- هذا فيما يختص بالعهد القديم- فأما العهد الجديد- وهو الأناجيل- فما يزيد كذلك على أن يكون روايات رواها تلاميذ المسيح- عليه السلام- بعد عشرات السنين؛ وتداولتها المجامع بالتحريف والتبديل والتعديل على ممر السنين. وحتى المواعظ الخلقية والتوجيهات الروحية لم تسلم من التحريف والإضافة والنسيان.. وهذا هو الذي كان بين أيدي أهل الكتاب حينذاك، وما يزال.. فأين هذا كله من القرآن الكريم؟! ولكن المشركين- في جاهليتهم- كانوا يقولون هذا؛ وأعجب العجب أن جاهليين في هذا العصر من المستشرقين والمتمسلمين! يقولون هذا القول فيسمى الآن علماً وبحثاً وتحقيقاً لا يبلغه إلا المستشرقون!